من الاقوى ؟؟

موضوع: من الاقوى ؟؟ الجمعة مايو 25, 2007 11:21 pm

[size=21]]مَن الأقوى ..؟

روى لي أحد الكهنة الأكارم عندما كان يزور أحد المرضى في المدينة ، فوجدني هناك فتصافحنا - وتحادثنا - فروى لي هذه القصّة فأعجبتني كثيرا ً، وقلت ُ له : سأكتبها في بعض المنتديات ونتأمّل بها ..فمارأيك يا أبونا ..؟ فقال لي : أنت حّر أخي وديع وكما يحلو لك...فوضعتُ لها عنوانا ً – مَن الأقوى -
تقول القصة :
كانت هناك شجرة ٌ ضخمة مزروعة منذ زمن على تلّ ٍ في أحد الأمكنة ، وكان الشعب الذي يسكن في تلك المنطقة آنذاك ، يقوم كلّ عام وفي يوم ٍ محدّد من السنة ، يقوم هذا الشعب بغالبيته العظمى لتقديم القرابين والأضاحي وما تيسّر لهم من مأكل ومشرب ويقومون بمراسيم البهجة والفرح مصلّين خاشعين عابدين لهذه الشجرة من الصباح حتى المساء .!
وكان يوجد في هذه المنطقة نفسها إنسانا تقيّا ً ومؤمنا ً بالله ، فكان يزعجه هذا المنظر جدا ً ويتساءل مع نفسه كيف يتخلّص من هذه الشجرة ، ويعيد هذا الشعب إلى عبادة الله ، وإن لم يستطع إعادتهم إلى حظيرة المؤمنين بالله ، على الأقل أن يحاول التخلّص من الشجرة التي يعبدونها ويسجدون لها تاركين الله خارج عقولهم وقلوبهم.
فقام في أحد الأيام ليلا ً وحمل فأسه وذهب إلى الشجرة ليقطعها ، وأقدم على الضربة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة ...فسمع صوتا ً يناديه أيّها الإنسان لماذا أتيت لتقطع هذه الشجرة : فقال : لأن الشعب يعبدونها وتركوا الله . وسأله وأنت من أنت..؟ فقال أنا هو صاحبُ الشجرة أنا الشيطان .. ولن أسمح لك بقطعها أبدا ً ، فاحتدّ النقاش بينهما وبدأ الصراع بالضرب .. فبطح الحطّاب – الإنسان- الشيطان أرضا ًوأراد أن يكمّل قطع الشجرة لكن التعب أرهقه وقال للشيطان يا شيطان : غدا ً ساعود وأتمم قطعها رغما ً عنك ورجع إلى البيت .
وفي اليوم الثاني نفس الشكل والمضمون بطح الإنسان الشيطان أرضا ً ورجع إلى بيته ِ دون أن يتمّم قطع الشجرة ..
وفي اليوم الثالث نفس الشيء وبعد أن بطح الإنسان الشيطان أرضا ً قال له : غدا ً سآتي وأكمّل العمل والهدف ... فردّ عليه الشيطان قائلا ً :
أيها الإنسان : لماذا لا نسوّي الأمور بيننا وننتهي من هذا الصراع ونرتاح كلانا من هذا التعب والهمّ فقال له الإنسان كيف يا شيطان ..؟
فقال الشيطان :
اذهب إلى بيتك وكن مرتاحا ً واترك لي الشجرة ، وكل يوم سأعطيك ليرتان ذهبيّتان ..!
فقال الحطّاب وكيف أحصل ُ عليهما ..؟
فردّ عليه الشيطان : كل يوم صباحا ً عندما تستيقظ سترى تحت وسادتك ليرتان من ذهب ..!فاتفقا وتعاهدا ورجع الحطّاب – الإنسان المؤمن بالله إلى بيته .
أستيقظ المؤمن من نومه في اليوم التالي ورفع وسادته ُ فرأى ليرتان من ذهب ..! وهكذا كلّ يوم ..؟
وبعد فترة من الزمن أستيقظ الحطاب ورفع الوسادة فلم يرَ شيئا ً .. حاول التفتيش عبثا ً طوال اليوم فلم يحصل على شيء ..
فقرّر أن يذهب إلى قطع الشجرة في اليوم الثاني ..وفي الليل حمل فأسه وذهب إلى الشجرة .. وبدأ بالمحاولة فظهر له الشيطان قائلا ً : لماذا أتيت َ لتقطع الشجرة أيها الإنسان ..؟ فقال لأنّ الناس يعبدونها ويتركون عبادة الله .
فقال له الشيطان : لن أسمح لك بقطعها فإنّها شجرتي ودار الحديث ثم الصراع – فبطح الشيطان الإنسان أرضا ً هذه المرّة ..؟ وقال له ُ :
هذه المرّة لم تستطع أن تبطحني لأنّك لم تأتِ من أجل الله .. ولم تأت ِ مؤمنا ً بالله ، لأنّك أتيت من أجل المال .. فعندما كنت َ مع الله وتأتيني من أجل الله كان الله هو الذي يُنصرك َ عليّ وليست قوتك ..والآن أتيت لأنّني قطعت ُ عنك الذهب وأتيت َ من أجل الذهب ، ولهذا تراني سأسحقك بقوّة الذّهب كما كنت َ تسحقني بقوّة الله ..!
أجل يا أحبائي ..
أين قوّتنا ..؟ أين إلهنا الجبّار ..؟ أين العظمة التي كانت تسحق الشيطان وكلّ مغرياته يا أخي الإنسان ..؟ لماذا ننساه ..؟ أنّه مصدر القوّة والعطاء ، إنّه معنا في ضيقاتنا ، إنّه لا يتركنا فلماذا لا نتّكل عليه ..؟ ونترك الشيطان أن يغوينا لا ليبطحنا فحسب.. بل ليسقطنا ويسحقنا ويتصرّف بنا كما يريد ، ألا تذكرون كلامه ُ وتجاربه مع رب المجد يسوع المسيح حين كان يجرّبه الشيطان قائلا ً له :
سأهديك كل ممالك الأرض وهي تحت سلطاني ..إن سجدتَ لي ..!
فردّ عليه الرب .. باحتقار ٍ وازدراء -أذهب عنّي يا ملعون - قيل : لله وحده تعبد ، وإيّاه وحده تسجد ..؟
أخي الإنسان أينما كنت وحيثما حللت:
إنّ نعمة الله ليست إجازة رسميّة لنحيا بها على هوانا ، بل إنّها امتياز لإرضاء الله .وامتحان الله لنا ليس إلاّ تأديبا ً لنا ، وهدفه أسمى مما نتوقع من أجل وصولنا إلى طريق الصواب والصلاح والتقاء.
ولكن يجب أن نعرف ونعترف بأنّ الشيطان قويّ وذكي ، وربمّا- يأتيك كشبه ملاك في بعض الأحيان كما يؤكد روح الرب . فيجب أن تكون يقظا ً وتسلّم كل المفاتيح بيد الرب ، لأنّه الوحيد هو الذي يشبعك في هذه الحياة ، لأنّه قدّم جسده خبزا ً لك ، والوحيد الذي يروي عطشك لأنه قال : مَن يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلا يعطش إلى الأبد ..؟لأنّه الخبز الحيّ والماء الحيّ المحيي.
ففي أثناء الأوقات الصعبة نُغوى بأن نكون خاملين فيما ننتظر زوال العاصفة من عواصف الحياة ، وفي الأوقات الميسّرة والسهلة والنِّعم ننسى فضل الله وبركاته علينا .
ولكن الله يدعونا في كل الأوقات الصعبة والسهلة ، الحزينة والمفرحة ... أن ننتهز الفرص المتوافرة بفعالية ونشاط روحيّ خالص للأجوبة التي وهبنا إياها في كلمته .. والتي ربّما لاتنزع عنّا حزننا كاملا ً كوننا ضُعفاء ،
ولكن في وسعنا دائما ً أن نستريح على الحقّ الذي يؤكد لنا أنّه حكيم ومهيمن وصالح .
فلنثق به ولنتكل عليه ونستريح بين يديه .لأنّه الأقوى والأعظم .
ويقول حكيم الحكماء سليمان :
أمثال-18 :14- روح الإنسان ِ تَسندُ ضعفَه ُ ، فإذا انكسرتْ فمَن يحييها ..؟
ويقول يشوع بن سيراخ :
30 : 6 – كثيرون سقطوا لأجلِ الذّهب ، ورأوا هلاكهم وجها ً لوجه .
7 – الذّهب عثرة ٌ للذين يعبدونه ، وكلّ الجهلاء يعتزّون .
وروح الربّ معكم[ size]